Pulsus Paradoxus النبض المتناقض: ماهيته، كيفية حدوثه، ودلالاته الطبية

النبض المتناقض (Pulsus Paradoxus)

ينخفض ضغط الدم عادةً بشكلٍ طفيفٍ أثناء الشهيق؛ لكن بعض الأمراض قد يصاحبها انخفاضٌ أكبر، يُعرَف بالنبض المتناقض (Pulsus Paradoxus).

فما هو هذا النبض؟ وما دلالاته في مجال الصحة؟ سنتعرف في هذا المقال على إجابات هذه الأسئلة بإذن الله.

ماهية النبض المتناقض

هو عبارةٌ عن انخفاضٍ في ضغط الدم بمقدار 10 ملم زئبقي أو أكثر أثناء الشهيق، ويمكن التأكد من وجوده بشكلٍ دقيق فقط عند متابعة ضغط الدم باستخدام القسطرة الشريانية.

يعتبر النبض المتناقض علامةً مرضيةً ومؤشرًا لوجود أمراضٍ أخرى؛ لكنه لا يُعدُّ مرضًا بحد ذاته.

كيفية حدوث النبض المتناقض

لكي نفهم كيفية حدوث النبض المتناقض، ينبغي أولًا أن نفهم أثر تغير الضغط داخل التجويف الصدري على التنفس والدورة الدموية.

الضغط داخل التجويف الصدري

التجويف الصدري عبارةٌ عن صندوقٍ مغلق، يتوسَّع وينقبض بمساعدة عضلات الجدار الصدري وعضلات الظهر، وأيضًا بمساعدة الحجاب الحاجز. تحتل الرئتين والقلب والأوعية الدموية الكبرى المساحة الأكبر من التجويف الصدري.

عندما تتوسع مساحة التجويف الصدري بفعل عضلات الصدر، حيث تبتعد الضلوع عن بعضها البعض، وأيضًا بفعل الحجاب الحاجز والذي يتجه باتجاه تجويف البطن، فإن الضغط داخل التجويف الصدري ينخفض، مما يؤدي إلى اندفاع الهواء في القنوات التنفسية؛ لأن الضغط خارج الجسم أصبح أعلى من الضغط داخل الرئتين.

تجدر الإشارة إلى أن العكس صحيح فيما يخص عملية التنفس؛ أي أنه عند ارتخاء العضلات فإن مساحة التجويف الصدري تقل، حيث يرتفع الحجاب الحاجز ويصبح الضغط داخل الرئتين أعلى من الضغط خارج الجسم؛ مما يؤدي إلى خروج الهواء من الرئتين إلى الخارج.

رجوع الدم خلال عملية الشهيق

يحدث داخل التجويف الصدري عند دخول السائل (الدم) فيه مثل ما يحدث عند دخول الهواء، فتوسع التجويف الصدري وانخفاض الضغط داخله يساعد على سريان الدم في الوريد الأجوف العلوي (superior vena cava) والوريد الأجوف السفلي (inferior vena cava)، وهما الوريدان الكبيران اللذان يُعيدان الدم مرةً أخرى إلى القلب بعد ضخه.

يختلف تأثير الضغط داخل التجويف الصدري على الهواء والدم، حيث يأتي الدم من الأوعية داخل الجسم، ويأتي الهواء من الخارج.

يمكن القول أن هذه الديناميكية تشابه عمل القلب نفسه، فعند انقباض البطينين (ventricles) يتم ضح الدم خلال الشرايين، وتحديدًا الشريان الأورطي؛ أما عند ارتخائهما وعودتهما لحجمهما الأصلي فذلك يسمح بسريان الدم إليهما من الأذينين (Atrias).

يتحرك الدم بهذه الكيفية مع كل انقباضٍ وانبساطٍ لعضلة القلب، كما أنه يتحرك مع انقباض وانبساط عضلات الجسم الأخرى وما يرافقها من تغير الضغط داخل التجويف الصدري.

الإنعاش القلبي الرئوي والضغط داخل التجويف الصدري

بدأ الباحثون يدركون أهمية التغيرات في الضغط داخل التجويف الصدري خلال عملية الإنعاش القلبي الرئوي (CPR)، فليس من المهم فقط الضغط على الصدر بشكلٍ جيد وبمعدلٍ مناسب لنجاح عملية الإنعاش؛ بل من المهم أيضًا السماح له بالرجوع إلى وضعه الأصلي بين كل ضغطةٍ وأخرى.

توسُّع الصدر بين الانقباضات يسمح للدم العائد من الدماغ والتجويف البطني بالوصول للقلب.

التأثير على ضغط الدم

في الوضع الطبيعي فإن توسُّع التجويف الصدري يعمل على حدوث تغيرات بسيطة في قيمة ضغط الدم الانقباضي.

ضغط الدم خلال التنفس

يولي أطباء العناية المركزة أهميةً كبيرة لضغط مجرى التنفس الإيجابي (positive pressure ventilation) أثناء متابعة المرضى الموصولين بأجهزة التنفس الصناعي، ودائمًا ما يراقبون تأثير هذا الضغط على رجوع الدم إلى القلب.
تبرز أهمية ذلك في المرضى الذين يعانون من انخفاضٍ في التروية الدموية، كالناجين من النوبات القلبية، حيث يكون تأثير ضغط مجرى التنفس الإيجابي على ضغط الدم كبيرًا جدًا.

كيف يتم قياس النبض المتناقض؟

يتطلب قياس النبض المتناقض القدرة على قياس الضغط الانقباضي خلال الشهيق والزفير، ويمكن ذلك باستخدام جهاز قياس الضغط الزئبقي (sphygmomanometer).

تعتبر القسطرة الشريانية (arterial line) الطريقة الأمثل لقياس النبض المتناقض، وهي عبارةٌ عن أنبوبٍ ذو قطرٍ أصغر من قطر الشريان، يتم وضعه داخل الشريان ويمكن استخدامه لأخذ عينات دم شرياني، أو لقياس ضغط الدم داخل الشريان بشكل مباشر ومتواصل.

دلالة النبض المتناقض

لا يوجد هناك إثبات علمي لماذا تؤدي بعض الحالات إلى انخفاض كبيرٍ في ضغط الدم خلال الشهيق مقارنةً بالوضع الطبيعي.

من الممكن أن يكون التفسير لذلك هو ما تشترك به معظم الحالات المرضية المصاحبة لحدوث النبض المتناقض، حيث تؤدي جميعها إلى زيادة الضغط على القلب.

الحالات التي تؤدي إلى النبض المتناقض

  1. الاندحاس القلبي أو الدُّكاء القلبي (cardiac temponade):
    يؤدي النزيف من القلب أحيانًا إلى انحباس الدم بين القلب والغشاء المحيط بالقلب (pericardium)، ولا يمتلك هذا الغشاء المرونة الكافية وبالتالي فلا يستطيع التمدد كثيرًا، وتكون النتيجة تجمُّع الدم وانعصار القلب.
  2. الاسترواح الصدري (tension pneumothorax):
    انحباس الهواء في التجويف البلوري بين الرئتين والجدار الصدري، واستمرار هذه العملية يؤثر على الرئتين والقلب والأوعية الدموية الرئيسة.
  3. التهاب التامور (pericarditis).
  4. فشل القلب الاحتقاني (congestive heart failure).
  5. الربو الحاد (acute asthma).
  6. مرض الانسداد الرئوي المزمن (chronic obstructive pulmonary disease).

المصادر

السابق
هرمون الجاسترين: ماهيته، وظائفه، والأمراض المرتبطة به
التالي
هرمون اللبتين: ماهيته، وظائفه، والاعتلالات المتعلقة بهرمون الشبع

اترك تعليقاً