لا نُنكرُ أنّنا نتعرض جميعًا لتساقط الشعر، فهو أمرٌ طبيعيٌ لتجديد الشعر باستمرار، ولكن هل استيقظت يومًا ووجدت شعرك متساقطًا على وسادتك، هل يتعكّر صفوُ مزاجِك عندما تجد خصلًا من الشعر بين يديك خلال استحمامك، انتبه فقد تكون مصابًا بداء الثعلبة.
الثعلبة
داء الثعلبة (Alopecia) هو مرضٌ مناعيٌ يهاجم فيهِ الجهاز المناعي بصيلاتِ الشعر، فيمنعُ من نموها وتجدّدها، لتجد المناطق المصابة عبارةً عن واحاتٍ فارغةٍ من الشعر، لا يقتصرُ الأمرُ على شعر الرأس بل يشمل أيَّ جزءٍ من الجسم، وتتفاوت حدةُ المرض من مناطقَ صغيرةٍ إلى فقدانٍ لشعر الرأسِ بأكمله، وكذلك حواجب العينين وأماكن أخرى.
علاج الثعلبة
هناك حوالي نسبة 50% من مرضى داء الثعلبة تعود بصيلاتُ شعرهم بالنمو خلال أولِ سنة، ولكنه داءٌ مزمنٌ في الغالبية العظمى للمرضى، حيث يعود تساقط الشعر مرةً أخرى بعد نموه من جديد، وبسبب هذا الاضطراب في مسار المرض والتأثير النفسي على المرضى نتيجة فقدان شعرهم، نجد تزايدًا في الطلب على علاجها.
إن العلاجَ الأهم لمثل هؤلاء المرضى هو الدعمُ النفسي، فقد يدخل المريض في حالةٍ من الاكتئاب نتيجة فقد شعره، ثم نلجأ للأدوية، والتي يختلف مدى استجابة الجسم إليها من شخص لآخر.
لا يوجد دواءٌ واحدٌ قادرٌ على علاج الثعلبة بشكلٍ جذري.
خط العلاج الأول
- الكورتيكوستيرويدز والتي تستخدم لمعظم المرضى.
- العلاج المناعي الموضعي (نلجأ إليه إذا كان فقدُ شعرِ الرأس أكثر من 50%).
الكورتيكوستيرويدز (corticosteroids)
يستخدم لعلاج الشباب المصابين بواحاتٍ صغيرةٍ من الصلع، حيث يتم حقن (الترايأميسنيلون أو الأسيتونايد) لكلٍ من المناطق المصابة قديمًا وحديثًا، لأن الهدف من العلاج هو إعادة نمو الشعر ومنع تساقطه من جديد.
يتم استخدام كريم مسكن للألم قبل حقن العلاج مثل: الليدوكئين، يتم دهانه على فروة الرأس، ثم تغطيته بغلاف بلاستيكي لمدة ساعةٍ ونص إلى ساعتين، ويتم إزالة الكريم مباشرةً قبل الحقن.
إن كمية الكورتيكوستيرويدز التي يتم حقنها تتحدد بشدة المرض وطبيعة جسم المريض، وهناك كميات معينة يتم تحديدها من قبل الطبيب لكل منطقةٍ مصابةٍ على حدًا.
تبدأ ملاحظة نمو الشعر بعد ستةِ إلى سبعةِ أسابيع، ويُعاد الحقن كلُّ أربعةِ أسابيع، إلى أن يتم إعادة نمو الشعر بشكلٍ كامل. إذا لم يستجب المريض من حقن الكورتيكوستيرويدز يجب إيقاف العلاج واستخدام علاج آخر بديل.
العلاج المناعي الموضعي (Immunotherapy)
يتم استخدام العلاج المناعي للمرضى الذين يعانون من فقدانٍ كبيرٍ في شعرهم، وكذلك في حالات عودة المرضِ مرةً أخرى. إن الشخص المسؤول عن إجراء هذا العلاج هو أخصائي الجلدية.
يعمل هذا العلاج على غير العادة، حيث يتم وضع مادةٍ مهيجة لجهاز المناعة على فروة الرأس أسبوعيًا، وذلك لاستحثاث حدوث ما يعرف بالتهاب الجلد التماسي، فقد وجدت الأبحاث أن حدوث الالتهاب يزيد من نمو الشعر في المنطقة، والتفسير في ذلك مختَلَفٌ عليه، ولكن الأرجح هو أنّ المواد التي يتم إفرازها خلال الالتهاب تساعد على نمو الشعر. هناك بعض الدراسات التي أُجريت في هذا النطاق، والتي وجدت اختلافًا في مدى استجابة المرضى للعلاج المناعي، فهناك حوالي نسبة 40-60 % من المرضى استجابوا للعلاج، ونسبة 60% من المرضى عاد إليهم المرض مرةً أخرى.
خط العلاج الثاني
من العلاجات التي يتم استخدامها كخط علاج ثاني: مينوكسديل، الأنثرالين والعلاج بالضوء، وقد يستخدم بجانبها خط العلاج الأول.
المينوكسديل (Minoxidil)
وهو علاجٌ موضعيٌّ متوفرٌ في الصيدليات، يتم استخدامه مرتين يوميًا لكلٍ من الأطفال والكبار.
هناك عددٌ قليل من الدراسات التي أجريت لدراسة مدى فعالية المينوكسديل، والغالب في الأمر أن فعاليته ضئيلة، وأضافت الأخيرة أن مدى فعالية العلاج تعتمد على زيادة الجرعة العلاجية، وأنه لابد من الاستمرار على العلاج لمدةٍ لا تقل عن ثلاثة أشهر قبل الحكم على مدى استجابة الجسم للعلاج.
الأنثرالين (Anthralin)
قد يستخدم كريم الأنثرالين في علاج الثعلبة، ولكن استخدامه يقتصر فقط على الحالات الغير مُسيطَر عليها، حيث أن مادة الأنثرالين مادة مهيجة يتم استخدامها لعلاج مرض الصدفيّة، لذلك لابد من وضعها على الجلد لمدةٍ لا تتجاوز الثلاثين دقيقة يوميًا، وبتركيز 0.5 إلى 1%، ومن ثم إزالتها بالشامبو بشكلٍ جيد، يتم زيادة المدة بعد كل أسبوعين من العلاج ما يقارب 10 دقائق إلى أن نصل لمدةِ ساعةٍ تقريبًا.
كما المينوكسيديل، لابد من الاستمرار في العلاج لمدةٍ لا تقل عن ثلاثة أشهر للحكم على مدى فعالية الأنثرالين.
سارع في غسل يديك بالماء البارد أو الفاتر بعد وضع العلاج مباشرة، لأن مادة الأنثرالين تصبغ الجلد والشعر والملابس باللون البني، لذلك احذر في التعامل معها.
العلاج بالضوء
يتم إعطاء مادة ال PUVA وهي عبارة عن مادة السورالين مع أشعة فوق بنفسجية بطول موجي A، والتي قد تستخدم كمادة دهانية، أو جل هلامي، أو أقراص علاجية فمويًا.
إن التعامل مع العلاج الضوئي لفترةٍ طويلةٍ يزيد من احتمالية الإصابة بسرطان الجلد، لذلك لابد من عدم إطالة فترة العلاج بالضوء.
علاجات أخرى
قد نلجأ إلى إعطاء أدوية شاملة للجسم ككل، والتي تهدف إلى تثبيط جهاز المناعة؛ لأنه السبب الغالب للإصابة بداء الثعلبة. يتم استخدامها عندما تفشل العلاجات السابقة في علاج الثعلبة، أو عودة المرض مرة أخرى بعد علاجه، وكذلك في الحالات التي يُمنع فيها استخدام الأدوية السابقة للأعراض الجانبية الناتجة عن استخدامها.
من الأمثلة على الأدوية الشاملة:
- أقراص الكورتيكوستيرويدز (Oral glucocorticoids)
- السالفاسلازين (Sulfasalazine)
- ميثوتريكسيت (Methotrexate)
- سايكلوسبورين (Cyclosporine)
- أزثيوبرين (Azathioprine)
على الرغم من كل العلاجات السابقة، إلا أن المريض قد لا يصل إلى مرحلة نمو الشعر الطبيعي، وتبقى احتمالية عودة المرض كامنة حتى بعد الشفاء التام.
المصادر
- Andrew G Messenger (2017) Management of alopecia areata, Available at: http://uptodatefree.com/topic/management-of-alopecia-areata (Accessed: 27/12/2019).
- Cleveland Clinic (2018) Alopecia Areata, Available at: https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/12423-alopecia-areata (Accessed: 27/12/2019).
- The National Alopecia Areata Foundation (2018) Treatments for Alopecia Areata, Available at: https://www.naaf.org/alopecia-areata/alopecia-areata-treatments (Accessed: 27/12/2019).