الذهان ليس مرضًا بحد ذاته؛ بل عَرض ومكون رئيس لمجموعة من الأمراض النفسية الخطيرة. يُطلق مصطلح “الذهان” على الحالات المرضية التي تؤثر على العقل، ويحدث فيها نوع من فقدان الاتصال مع الواقع، حيث تتعكر أفكار الشخص وتصوراته وقد يواجه صعوبة في فهم ما هو حقيقي وما هو غير ذلك.
عوامل خطر الإصابة بالذهان
من غير الممكن تحديد من سيُصاب بالذهان، نظرًا لأن عوامل كثيرة تشترك في إحداث المرض. ومع ذلك، فقد أظهرت الأبحاث أن الوراثة قد تلعب دورًا. فمثلًا، يصبح الفرد أكثر عرضة للإصابة باضطراب ذهاني إذا كان أحد أفراد الأسرة المقربين، مثل أحد الوالدين أو الأخوة، لديه اضطراب ذهاني.
وقد وُجد أيضًا أن الأطفال المولودين بطفرة جينية محددة معرضون لخطر الإصابة به، وخاصة الفصام.
اسباب وانواع الذهان
يتم التعامل من كل حالة من حالات الذهان على حدة، وتنتج بعض أنواع الذهان عن أسباب وعوامل محددة، وتشمل هذه الأنواع ما يلي:
-
الاضطراب الذهاني الموجز
وهو عبارة عن اضطراب ذهاني قصير، يُسمى أحيانًا ذهان تفاعلي قصير، يحدث أثناء فترات التوتر الشخصي الشديد مثل وفاة أحد أفراد الأسرة. يتعافى المريض تمامًا في غضون بضعة أيام إلى بضعة أسابيع، وتعتمد هذه المدة على قوة الحدث المؤثّر.
-
الذهان المتعلق بالمخدرات أو الكحول
يمكن أن يحدث الذهان بسبب استخدام الكحول أو المخدرات، بما في ذلك بعض المنشطات مثل الميتامفيتامين والكوكايين والأدوية المهلوسة، ويعتبر هذا التأثير مؤقتًا. كما يمكن للأشخاص الذين لديهم إفراط في شرب الكحول وبعض الأدوية المرور بالأعراض الذهانية إذا قرروا التوقف عن تناول الأدوية بشكل مفاجئ.
-
الذهان العضوي
هو الذي ينشأ عن مرض جسدي مثل:
- أمراض الدماغ مثل مرض باركنسون، ومرض هنتنغتون، وأورام وخراجات الدماغ
- قد تؤدي الإصابة بعض أنواع الخرف إلى الإصابة بهذا النوع، كتلك التي يسببها مرض الزهايمر وفيروس نقص المناعة البشرية، والزهري وبعض أنواع الصرع والسكتات الدماغية.
-
الاضطرابات ذهانية
ولتشخيص هذا النوع من الاضطرابات يجب استثناء الأسباب السابقة، ومن تقسيمات هذا النوع:
- اضطراب ثنائي القطب: ويتميز هذا بتأرجح مزاج صاحبه من مرتفع إلى منخفض للغاية، وتكون ما بين أعراض اكتئاب وحزن أو فرح بشكل مبالغ.
- اضطراب الوهمية: الشخص الذي يعاني من اضطراب وهمي يؤمن بقوة بالأشياء الغير حقيقية.
- الاكتئاب الذهاني: الاكتئاب الشديد المصحوب بأعراض ذهانية.
- الفصام: وهو مرض مزمن يعاني المريض فيه من الأعراض الذهانية.
اعراض الذهان
تشمل أعراضه وعلاماته الكلاسيكية ما يلي:
- الهلوسة: أي سماع أو رؤية أو الشعور بأشياء غير موجودة سواء كانت بصرية، أو سمعية (وهي الأشهر) أو تذوق أو ملمس.
- الأوهام: أي المعتقدات الخاطئة، والتي يعتقد المريض اعتقادًا جازمًا بأنها صحيحة، فتجعله يشك ويخشى أشياء غير حقيقة.
- عدم الانتظام والعشوائية في الكلام والسلوك.
- التفكير العشوائي غير المنتظم والتنقل بين الموضوعات غير ذات الصلة، وإقامة روابط غريبة بين الأفكار.
- مواجهة صعوبات في التركيز.
- الجمود وعدم الاستجابة.
اعتمادًا على السبب، يمكن أن تتطور الأعراض بسرعة أو بشكل تدريجي، وينطبق الأمر نفسه على مرض الفصام، فعلى الرغم من أنها قد تكون خفيفة في البداية، إلا أن بعض المرضى يشهدون انتكاس سريع في الأعراض إذا لم يلتزموا بتعليمات الطبيب حول العلاجات الدوائية.
كذلك قد يبدأ الأمر بأعراض غير مُعتادة وغير المذكورة أعلاه ومن ثم تتطور هذه الأعراض، وتشمل:
- مشاعر الشك المُفرط.
- القلق.
- الاكتئاب.
- الوسوسة.
- مشاكل في النوم.
تشخيص الذهان
للتشخيص المبكر أثر كبير في تحسين نتائج العلاج على المدى الطويل، يتم تشخيص الذهان من خلال التقييم النفسي. هذا يعني أن الطبيب سيراقب سلوك الشخص ويطرح أسئلة حول ما يعاني منه. يمكن استخدام الاختبارات الطبية والأشعة السينية لتحديد ما إذا كان هناك مرض كامن يسبب الأعراض.
الجدير بالذكر أن العديد من الأعراض التي تعتبر لدى البالغين أعراض مرضية لا تعتبر كذلك عند الأطفال. على سبيل المثال، عادةً ما يكون للأطفال الصغار أصدقاء وهميون يتحدثون معهم، هذا يمثل مجرد لعب خيالي، وهو أمر طبيعي تمامًا للأطفال، بعكس البالغين.
علاج الذهان
يتضمن علاج الذهان مجموعة من الأدوية والعلاجات. معظم المرضى يشهدون تحسنًا ملحوظًا في أعراضهم مع العلاج، وتشمل خيارات العلاج:
- الهدوء السريع: في بعض الأحيان، قد يصاب الأشخاص الذين يعانون من الذهان بالإثارة والانتكاس السريع ويكونون عرضة لخطر إيذاء أنفسهم أو الآخرين. في هذه الحالات، قد يكون من الضروري تهدئة أعراضهم بسرعة. وتسمى هذه الطريقة الهدوء السريع. سيقوم الطبيب أو طاقم الطوارئ بإعطاء حقن سريعة المفعول أو دواء سائل لتخفيف أعراض المريض بسرعة.
- الأدوية: يمكن السيطرة على أعراض الذهان بواسطة أدوية تسمى مضادات الذهان. حيث تقلل هذه الأدوية من الهلاوس والأوهام وتساعد المرضى على التفكير بشكل أكثر وضوحًا. يعتمد نوع مضادات الذهان الموصوفة على الأعراض. في كثير من الحالات، يحتاج المرضى إلى تناول مضادات الذهان لفترة قصيرة فقط للسيطرة على الأعراض، وقد يضطر الأشخاص المصابون بالفصام إلى الاستمرار في تناول الأدوية مدى الحياة.
- العلاج السلوكي المعرفي: حيث يعتمد هذا العلاج على إجراء لقاءات منتظمة بين مستشار الصحة العقلية والمريض بهدف تغيير التفكير والسلوكيات لدى المريض. وقد ثبت أن هذا النهج فعال في مساعدة المرضى على إجراء تغييرات دائمة والتعامل مع مرضهم بشكل أفضل. عادةً ما يكون ذلك مفيدًا للأعراض الذهانية التي تفشل الأدوية في السيطرة عليها.
مضاعفات ومستقبل الذهان
ليس للذهان الكثير من المضاعفات الطبية. ومع ذلك، إذا تُرك دون علاج، فقد يكون من الصعب على مرضى الذهان الاعتناء بأنفسهم لوحدهم، وقد يؤدي ذلك إلى إهمال الحالة الصحية للمريض وعدم علاج أمراض أخرى قد تنشأ لديه.
معظم مرضى الذهان يتعافون في حال التزموا بتعليمات الطبيب وتناولوا علاجاتهم بانتظام.
المصادر
- Timothy J. Legg (2018) Psychosis, Available at: https://www.healthline.com/health/psychosis (Accessed: 5 Dec. 2019).
- Timothy J. Legg (2017) What is psychosis?, Available at: https://www.medicalnewstoday.com/articles/248159.php#psychosis_diagnosis (Accessed: 5 Dec. 2019).
- NHS (2019) Psychosis, Available at: https://www.nhs.uk/conditions/psychosis/diagnosis/ (Accessed: 5 Dec. 2019).
آخر تحديث بواسطة: آية أبو قمر.