يرقان الرضع “يرقان حديثي الولادة”
يرقان الوليد هو اصفرار في لون الجلد والعينين عند الأطفال حديثي الولادة، يحدث نتيجةً لارتفاع تركيز مادة البيليروبين في الدم وهي “المادة الناتجة من تكسر خلايا الدم الحمراء في الجسم”، فتتراكم في الجلد والأغشية المخاطية مسببةً اللون الأصفر.
مدى شيوع يرقان الرضع
يعد يرقان الوليد ظاهرةً شائعةً تحدث عند كثير من الأطفال حديثي الولادة، لا سيما الأطفال الخدج أو المبتسرين “أي الذين يولدوا قبل 37 أسبوعًا” حيث يحدث يرقان الوليد لديهم بنسبة 100:80 مولودًا، بينما يحدث بنسبة 100:60 مولودًا عند الأطفال مكتملي النمو.
غالبًا ما يكون يرقان الوليد بدرجة خفيفة لا تحتاج للعلاج، ولكن في حالات قليلة قد يكون بدرجة شديدة تحتاج للعلاج وهذا يحدث بنسبة 20:1 مولودًا.
أسباب يرقان الرضع
تنقسم أسباب يرقان الوليد إلى قسمين:
أولًا: اليرقان الفسيولوجي “physiological jaundice”:
إن معظم حالات اليرقان التي تحدث عند الأطفال حديثي الولادة هي من هذا النوع، والذي يبدأ بالظهور على المولود خلال اليوم الثاني أو الثالث، ويزداد شدته ليصل إلى أقصى درجة حتى اليوم الخامس، ثم يزول تدريجيًا إلى أن يختفي تمامًا في نهاية الأسبوع الأول أو الثاني منذ الولادة.
ما هي آلية حدوث اليرقان الفسيولوجي؟
يقوم الكبد في جسم الإنسان البالغ بالتخلص من مادة البيليروبين “المادة الصفراء” والتي تنتج من تكسر كرات الدم الحمراء، حيث يقوم بإفرازها في القناة الهضمية ثم يتم إخراجها خارج الجسم عبر البراز أو البول. وبنفس هذه الآلية يتم التخلص من مادة البيليروبين من جسم الطفل حديث الولادة، ورغم ذلك يرتفع تركيز البيليروبين في دم الطفل أعلى من المستوى الطبيعي مسببًا يرقان الرضع ويعود ذلك إلى:
- يكون كبد الطفل بعد الولادة مباشرة غير مكتمل النمو وغير قادر على التخلص من مادة البيليروبين بالشكل المطلوب؛ مما يؤدي إلى تراكمها في دم الطفل، ويتزامن اختفاء اليرقان من الطفل مع اكتمال نمو الكبد والذي يحدث بعد أسبوعين من الولادة.
- إضافة إلى ذلك، يتم إنتاج مادة البيليروبين في جسم الطفل حديث الولادة بكميات أكبر من الإنسان البالغ “حوالي ضعفين أو أكثر”، ويعود ذلك إلى التركيز العالي والتكسر السريع لخلايا الدم الحمراء.
لقد لوحظ أن الرضاعة الطبيعية تزيد من فرصة حدوث يرقان الرضع أكثر من الرضاعة الغير طبيعية “formula”، ولكن هذا لا يعني وقف الرضاعة الطبيعية بل ينصح بزيادتها وذلك لأن فوائدها أكبر بكثير من مضارها.
ثانيًا: اليرقان المرضي “pathological jaundice”:
كما ذكرنا سابقًا أن معظم حالات اليرقان يكون سببها فسيولوجيًا، ولكن في قليل من الحالات يكون لليرقان أسباب صحية أخرى ويتوقع وجودها في إحدى الحالتين:
- إذا ظهر اليرقان مبكرًا خلال اليوم الأول منذ ولادة الطفل.
- إذا استمر اليرقان لأكثر من أسبوعين عند الأطفال مكتملي النمو أو لأكثر من ثلاثة أسابيع عند الأطفال الخدج.
ومن أسباب اليرقان المرضي ما يلي:
- قصور الغدة الدرقية
- نقص إنزيمات في الكبد
- العدوى البكتيرية كالالتهابات البولية
- انسداد القنوات المرارية
- وجود نزيف داخلي أو تجمع دموي خاصة في رأس الطفل نتيجة تعرضه للكدمات أثناء الولادة
- عدم توافق دم الأم مع طفلها ما يسمى ب ABO incompatibility or Rhesus
- التليف الكيسي
أعراض يرقان الرضع
يبدأ اليرقان بالظهور تدريجيًا حيث يظهر أولًا في الوجه والعينين، ثم يمتد للأسفل في منطقة الصدر والبطن والأطراف العلوية ثم في النهاية إلى الأطراف السفلية.
قد يكون من الصعب ملاحظة اليرقان عند المولود، وللتأكد منها يتم الضغط على جبين المولود أو أي منطقة أخرى ثم رفع اليد، وإذا تغير لون الجلد للون الأصفر فهذا يدل على وجود اليرقان.
ومن العلامات الأخرى التي تدل على وجود اليرقان تغير لون البول للون الأصفر الغامق بخلاف الوضع الطبيعي حيث لا لون له.
متى يجب التوجه إلى الطبيب؟
يتوجب على الأهل الانتباه جيدًا لحدوث اليرقان عند الطفل ومتابعته باستمرار، وعند ظهور أي من العلامات الآتية يجب الذهاب للطبيب على الفور:
- تغير في لون الجلد فأصبح مائلًا إلى اللون الأخضر
- امتداد اليرقان إلى الفخذين
- صعوبة في إرضاع الطفل أو في إيقاظه
- تقوس رقبة أو ظهر المولود إلى الخلف
- بكاء الطفل بصوت عالي
- استمرار اليرقان لأكثر من أسبوعين
- بدء ظهور اليرقان خلال اليوم الأول
تشخيص يرقان الرضع
يتم فحص المولود بشكل روتيني قبل خروج الأم من المستشفى للتأكد من وجود اليرقان لدى الطفل خلال أول 24 ساعة منذ الولادة، وإذا خرجت الأم قبل ذلك يتم توصية الأهل بمراقبة الطفل جيدًا وإحضاره إلى الطبيب في حال ظهور اليرقان على الجلد أو ملاحظة تغير لون البول أو البراز.
ليس هناك داعي لإحضار الطفل إلى الطبيب لإجراء فحوصات إلا إذا ظهرت إحدى العلامات المذكورة أعلاه.
يعتمد الطبيب في تشخيص يرقان الرضع على ما يلي:
- من خلال أخذ التاريخ المرضي من الأهل وعمل الفحص السريري في وجود إضاءة مناسبة للتأكد من وجود يرقان الوليد وذلك من خلال فحص العين والفم وكذلك الضغط على جلد الطفل في أي منطقة وملاحظة تغير اللون للون الأصفر.
- بعد ذلك يجب تحديد مستوى مادة البيليروبين في دم الطفل لمعرفة إذا كان هناك ضرورة للعلاج؛ ويتم ذلك من خلال جهاز البيلروبينوميتر الذي يوضع على الجلد أو أخذ عينة من دم المولود (Total Serum Bilirubin).
- وأحيانًا يحتاج الطبيب لإجراء فحوصات أخرى لمعرفة سبب اليرقان وذلك إذا كان هناك أي مؤشر لليرقان المرضي كظهور اليرقان في أول 24 ساعة من الولادة أو استمر لأكثر من أسبوعين، ومنها:
- فحص وظائف الكبد.
- فحص شامل للعدوى البكتيرية والفيروسية ومن أهمها (TORCH infection)، وتحليل البول، وعمل مزرعة للدم، وكذلك صورة أشعة للصدر.
- فحص هرمون الغدة الدرقية.
- فحوصات خاصة بتكسر الدم كفحص CBC، وتحديد نوع فصيلة الدم ABO or Rhesus group، وكذلك فحص الأجسام المضادة في الجسم coombs test
آلية علاج يرقان الرضع
تختلف آلية التعامل مع يرقان الوليد حسب مدى شدة اليرقان حيث:
إذا كان مسار اليرقان مشابهًا لليرقان الفسيولوجي فغالبًا لا يحتاج للعلاج حيث يكون بدرجة خفيفة لمتوسطة يزول تدريجيًا خلال 10-14 يومًا، ويمكن التعامل معها في البيت ويتم توصية الأهل بما يلي:
- مراقبة الطفل بعناية وإحضاره في حال تواجد أي علامة من علامات اليرقان الشديد المذكورة أعلاه.
- الاهتمام برضاعة الطفل جيدًا، فإذا كانت رضاعته طبيعية يجب تناول ما بين 8-12 مرة في اليوم، بينما إذا كانت رضاعته غير طبيعية يجب تناول ما بين 6-10 مرات.
ولكن إذا كان اليرقان من الدرجة الشديدة، فإن ذلك يستدعي التدخل فورًا للتقليل من خطورة المستوى العالي للبيليروبين في الدم ويتم ذلك من خلال إحدى طرق العلاج الآتية:
- العلاج بالضوء “Phototherapy”: وهو الأكثر شيوعًا في علاج يرقان الوليد حيث يوضع الطفل في حاضنة مخصصة تحت ضوء معين(LED light) يساعد في تحويل مادة البيليروبين إلى مواد يسهل التخلص منها عبر البول أو البراز، ويبقى الطفل في هذه الحاضنة لعدة أيام، ويتم إيقاف الضوء لمدة 30 دقيقة كل 3-4 ساعات ليتم إرضاع الطفل .
- تبديل الدم “exchange transfusion”: تجرى هذه العملية في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة من خلال إدخال أنابيب عبر الحبل السري للطفل وسحب كميات قليلة من دم الطفل بشكل متكرر للتخلص من مادة البيليروبين أو الأجسام المضادة إن وجدت، ونادرًا ما يحتاج الطفل لعملية تبديل الدم في علاج اليرقان ويلجأ إليها فقط في حال عدم استجابة المولود للضوء أو أن مستوى البيليروبين في الدم عالٍ بشكل يستدعي التخلص السريع من هذه المادة.
مآل يرقان الرضع
يعتمد مآل يرقان الرضع على السبب في حدوثه والعلاج المناسب، فكما أسلفنا بالذكر أن معظم حالات يرقان الرضع يكون سببها اليرقان الفسيولوجي من الدرجة الخفيفة للمتوسطة والتي تزول لوحدها دون الحاجة للعلاج وليس لها أي أضرار على المولود.
ولكن يكون يرقان الرضع شديدًا عند نسبة قليلة من الأطفال مما يشكل خطرًا على الطفل وإذا لم يتم التدخل العلاجي بالوقت المناسب سيؤدي إلى تلف في أنسجة الدماغ والتي يستمر أثرها طيلة فترة حياة الطفل.
المصادر
- Uptodate (2019) Neonatal Jaundce, Available at: https://www.uptodate.com/contents/jaundice-in-newborn-infants-beyond-the-basics (Accessed: 2/3/2019).
- NHS (2019) Neonatal Jaundce, Available at: https://www.nhs.uk/conditions/jaundice-newborn/ (Accessed: 2/3/2019).
- Pregnancy birth and baby (2019) Neonatal Jaundce, Available at: https://www.pregnancybirthbaby.org.au/jaundice-in-babies (Accessed: 2/3/2019).
- patient info (2019) Neonatal Jaundce, Available at: https://patient.info/doctor/neonatal-jaundice-pro (Accessed: 2/3/2019).
مراجعة علمية وتدقيق لغوي: اسماعيل محمد قزعاط
تدقيق :براءة إياد علي