يعتبر جفاف الفم أحد أكثر المشاكل الفمويّة الشائعة، والتي عادةً ما يتم التغاضي عنها، ويرتبط عامةً بالقصور الوظيفي للغدد اللعابية حيث أن انخفاض تدفق اللعاب يمكن أن يسبب صعوبات في عمليات التذوق والمضغ والبلع والتحدث؛ وقد يزيد أيضًا من فرص الإصابة بتسوس الأسنان، وإزالة التمعدن من الأسنان، وحساسية الأسنان، والتهابات الفم.
هناك مجموعة متنوعة من أسباب جفاف الفم، بما في ذلك الآثار الجانبية للأدوية، وسُميّة العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي للرأس والرقبة، وأمراض المناعة الذاتية، وغيرها من الأمراض المزمنة، وتلف الأعصاب.
تتراوح شدة أعراض جفاف الفم بين الانزعاج الفموي الخفيف إلى داء يؤثر على صحة الفم ويمكن أن يضر بصحة المريض، وأكله للغذاء ونوعية حياته. تقديرات انتشار جفاف الفم في عامة السكان غير دقيقة بسبب محدودية البيانات المتوفرة، وتتراوح التقديرات من 0.9٪ إلى 64.8٪ وتقترب من نسبة 100 % في الأشخاص المصابين بمرض جوغرن أو الذين يتلقون العلاج الإشعاعي لسرطان الرأس والرقبة.
حقائق عن اللعاب
اللعاب هو خليط من الإفرازات من الغدد اللعابية الكبرى (الغدة النكفية، والغدة تحت الفك السفلي، والغدة تحت اللسانية) والغدد اللعابية الصغيرة. يتراوح الإنتاج اليومي للعاب عادة من 0.5 إلى 1.5 لتر في الأفراد الأصحاء، ويتكون بنسبة 99٪ من الماء ويحتوي على عدد من الشوارد مثل الصوديوم، والبوتاسيوم، والكالسيوم، والبيكربونات، والفوسفات، والمكونات العضوية مثل الغلوبولينات المناعية، والبروتينات، والإنزيمات، وبروتين الميوسين.
بالإضافة إلى الحفاظ على رطوبة الأنسجة والمساعدة على هضم الطعام، يقوم اللعاب بتطهير تجويف الفم، ويساعد في مضغ الطعام وابتلاعه، ويحافظ على درجة حموضة محايدة في الفم، ويمنع إزالة تمعدن الأسنان. تساهم البروتينات اللعابية والمخاط في إبقاء الأنسجة الفموية رطبة، وحماية الغشاء المخاطي من الإصابات بمختلف أنواعها كيمائية أو جرثومية. عدم وجود تدفق كافٍ للعاب قد يؤدي لتطور تسوس الأسنان ومجموعة متنوعة من الالتهابات الفموية. وتتفاقم أعراض الفم أيضًا في الليل لأن الإخراج اللعابي يصل إلى أدنى مستوياته خلال النوم وتزداد كذلك إذا كان الشخص يتنفس عبر فمه. قد يتداخل انخفاض معدل تدفق اللعاب مع عمليات المضغ والبلع لبعض الطعام مما قد يؤدي لسوء التغذية؛ كما ويرتبط القصور الوظيفي الحاد للغدد اللعابية بتغيير في حاسة التذوق.
أسباب جفاف الفم
-
أسباب متعلقة بالأدوية
استخدام بعض الأدوية يعتبر أحد أكثر الأسباب شيوعًا لنقص اللعاب، أكثر من 400 دواء منهم متاح بدون وصفة طبية وبعضهم يستلزم وصفة طبية يمكن أن تساهم في جفاف الفم أو تفاقمه، بما في ذلك مضادات الهيستامين (للحساسية أو الربو)، وأدوية خفض ضغط الدم، ومضادات الاحتقان، ومسكنات الألم، ومدرّات البول، ومهدئات العضلات، ومضادات الاكتئاب.
أكثر أنواع الأدوية التي تسبب خللًا في وظيفة اللعاب لها آثار مضادة للكولين، على سبيل المثال:
- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات.
- مضادات الهيستامين.
- الأدوية الخافضة لضغط الدم.
- مضادات التشنج.
المرضى الذين يتناولون أدوية متعددة قد يكونون أيضًا أكثر عرضة لخطر جفاف الفم كأثر سلبي للعلاج، ويمكن تقليل الأعراض إذا أمكن للمرضى الذين يتناولون الأدوية المضادة للكولين تناولها خلال النهار بدلًا من الليل، وعلى جرعات مقسمة، بدلاً من جرعة واحدة أكبر، متجنبًا بذلك الآثار الضارة الناتجة من جرعة أكبر.
-
أسباب متعلقة بالسُمّية المتعلقة بالعلاج الكيميائي للسرطان والعلاج الإشعاعي للرأس والرقبة
المضاعفات الفمويّة للعلاج الكيميائي للسرطان أو العلاج الإشعاعي لسرطان الرأس والرقبة يمكن أن تكون حادة (أي تتطور أثناء العلاج) أو مزمنة (أي تتطور من أشهر إلى سنوات بعد العلاج)، يمكن أن تسبب هذه العلاجات قصورًا في وظائف الغدد اللعابية عن طريق السميّة المباشرة للغدد اللعابية والأنسجة الفموية أو الأضرار غير المباشرة الناجمة عن السميّة لأجهزة الجسم. بشكل عام، يسبب العلاج الكيميائي للسرطان سميّة حادة عادة ما يُشفى منها المريض بعد التوقف عن العلاج وشفاء الأنسجة التالفة، في حين أنّ العلاج الإشعاعي يمكن أن يسبب سميّة حادة في الفم، فضلًا عن إحداث تلف دائم في الأنسجة يمكن أن يعرض المرضى للخطر مدى الحياة.
-
الأسباب الفسيولوجية أو المتعلقة بالأمراض
يؤثر جفاف الفم على 30٪ من المرضى الأكبر سنًا من 65 سنة وما يصل إلى 40٪ من المرضى الذين تزيد أعمارهم عن 80 عامًا؛ وهذا في المقام الأول أثر سلبي للأدوية، على الرغم من أنّه يمكن أن ينتج أيضًا عن حالات مرضية مصاحبة مثل مرض السكري، أو مرض الزهايمر، أو مرض باركنسون. في حين أن جفاف الفم شائع بين المرضى الأكبر سنًا، تزيد العرضة للإصابة به عند الاشخاص الملزمين بتناول أكثر من أربعة أدوية بوصفة طبية بشكل يومي.
أمراض المناعة الذاتية
مرض جوغرن هو ثاني أكثر أمراض المناعة الذاتية التي تؤثر على الأنسجة الضامة شيوعًا وهو الحالة الجهازية المرتبطة في معظم الأحيان بالخلل الوظيفي للعاب وجفاف الفم. على الرغم من أن مرض جوغرن يمكن أن يؤثر على أي عضو أو نظام في الجسم، فإنّ الأعراض الأولية هي جفاف الفم وجفاف العينين. يسبب مرض جوغرن التهابًا وخللًا وظيفيًا مزمنًا، مما يؤدي إلى تلف الغدة اللعابية. هناك نوعان من مرض جوغرن، النوع الأول لا يرافقه أمراض مناعة ذاتية غيره يصيب حوالي 1 من كل 70 شخصًا، هذا الرقم يتضاعف تقريبًا إذا تم تضمين المرضى الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية الأخرى أو الروماتيزم بالإضافة إلى مرض جوغرن وهذا النوع الثاني من المرض. وتشمل أمراض المناعة الذاتية الأخرى التي يمكن أن تحدث مع مرض جوغرن التهاب المفاصل الروماتويدي، والذئبة الحمامية الجهازية، وتصلب الجلد، والتهاب العضلات، والتهاب المفاصل المتعدد.
حالات أخرى مرتبطة بجفاف الفم
- التليّف الكيسي.
- داء الطُعم حيال الثَوي.
- مرض التهاب الكبد الوبائي سي.
- فيروس نقص المناعة المكتسب “الإيدز”.
- التغيرات الهرمونية (على سبيل المثال، الحمل أو انقطاع الطمث).
- تلف الأعصاب الليمفاوية من إصابة الرأس أو الرقبة.
- مرض السكري.
- أسباب نفسية.
- السكتة الدماغية.
- عدم تخلُق أو تنسُّج الغدد اللعابية.
- ارتفاع ضغط الدم غير المنضبط.
- استخدام الكحول أو التبغ، أو استهلاك الكافيين المفرط أو الطعام الحار هي أسباب أخرى متعلقة بنمط الحياة والتي قد تسبب جفاف الفم.
أعراض جفاف الفم
- شعور بلزوجة، وجفاف أو حرقة في الفم.
- مشكلة في المضغ، أو الابتلاع، أو التذوق، أو الكلام.
- تغيّر الطعم أو عدم احتمال الطعام الحار أو المالح أو المأكولات والمشروبات الحامضة.
- التهاب أو جفاف في الحلق.
- تشقق، تقشير أو ضمور الشفاه.
- جفاف اللسان.
- التهابات الفم.
- رائحة الفم الكريهة.
- بحّة الصوت.
- عدم القدرة على الاحتفاظ بأطقم الأسنان وما شابهها من التركيبات المتحركة.
علاج جفاف الفم
تشمل أهداف علاج جفاف الفم تحديد الأسباب المحتملة، وتخفيف الانزعاج، ومنع المضاعفات، مثل تسوس الأسنان والتهابات اللثة.
-
التدخُّلات التلطيفيّة (الوقائيّة)
تركز التدخُّلات الوقائيّة العامة لجفاف الفم على تثقيف المرضى وتعديل نمط الحياة، بما في ذلك العلاج الدوائي بالمنشّطات اللعابية، والفلورايد الموضعي، وبدائل اللعاب، واستخدام العلكة/النعناع الخالية من السكر، مما يساهم في تخفيف بعض أعراض جفاف الفم وقد يحسن نوعية حياة المريض.
ينبغي تقديم المشورة للمرضى بشأن نصائح نمط الحياة لتخفيف جفاف الفم، ومنها الآتي:
- شرب الماء أو المشروبات الخالية من السكر والكافيين.
- مصُّ رقائق الثلج.
- استخدام مرطب للشفاه بشكل متكرر (على سبيل المثال، كل ساعتين).
- مضغ العلكة الخالية من السكر أو مص الحلوى الخالية من السكر.
- تجنب الطعام المالح أو الحار أو الأطعمة الجافة صعبة المضغ.
- تجنب الأطعمة السكرية واللزجة.
- تجنب المهيّجات مثل الكحول (بما في ذلك مضمضة الفم المحتوية على الكحول)، والتبغ، وشرب الكافيين.
- استخدام أجهزة تبريد الهواء أثناء الليل.
-
محفزات اللعاب
يمكن استخدام محفزات اللعاب للمرضى الذين يعانون من قصور في وظائف الغدد اللعابية، ويمكن أيضًا استخدام العلكة الخالية من السكّر والحلوى والنعناع لتحفيز إنتاج اللعاب.
يتم استخدام دواء بايلوكاربين (Pilocarpine) بجرعة 5 ملجم ثلاث مرات يوميًا لثلاث أشهر على الأقل، والسيفيميلين (Cevimeline) بجرعة 30 ملجم ثلاث مرات يوميًا لمدة ثلاث أشهر على الأقل.
-
اللعاب الاصطناعي
تتوفر منتجات اللعاب الاصطناعية مع أو بدون وصفة طبية؛ تحتوي عادة على مزيج من الكربوكوكسي ميثيلسيلولوز والجلسرين لزيادة اللزوجة، بالإضافة إلى بعض الإضافات والمنكهات (على سبيل المثال، السوربيتول، الاكسيليتول) وأيونات الكالسيوم والفوسفات، لكنها لا تحتوي على إنزيمات هاضمة أو مضادة للبكتيريا أو غيرها من البروتينات والمعادن المتواجدة في اللعاب البيولوجي؛ بعض المنتجات تحتوي على الفلورايد، نيوتراسال (NeutraSal) دواء متوفر فقط بوصفة طبيّة، ويستخدم كبديل اصطناعي.
المصادر
- American Dental Association () Xerostomia (Dry Mouth), Available at: https://www.ada.org/en/member-center/oral-health-topics/xerostomia (Accessed: 25/8/2020).
- Steven B. Horne () Dry Mouth (Xerostomia), Available at: https://www.medicinenet.com/dry_mouth/article.htm#what_is_dry_mouth (Accessed: 25/8/2020)